· التأطير:
تعتبر القصة واحدة من الإبداعات الإنسانية، وهي من أنسب الفنون للتعبير عن تفاعلات الحياة اليومية وهي وسيلة نثرية تستعمل لسرد الأحداث وروايتها، ويمكن الحديث عن القصة من جانبين مختلفين: فمن المنظور الإنساني هي إبداع قديم ارتبط ظهوره بظهور الإنسان، لأنها كانت وسيلة للتعبير عن الأحداث والمواقف واللحظات الإنسانية المختلفة ومن تم فهي موجودة في كل الحضارات وينتقل أثرها من حضارة إلى أخرى وقد أكد القرآن الكريم على وجود هذا النمط الإبداعي من خلال سرد مجموعة من القصص. وعلى اعتبار أن القصة أحسن وسيلة للتعبير عن الأمم الماضية. أما من المنظور النقدي فالقصة جنس أدبي ظهر في الغرب في مستهل القرن التاسع عشر وانتقلت إلى الأدب العربي عن طريق الاحتكاك بالثقافة الغربية وظهور الطباعة والصحافة، وقد تطورت القصة في الغرب على يد العديد من النقاد لكنها وصلت إلى القمة مع الناقد " موبسان" الذي يعتبر المؤسس الفعلي للقصة القصيرة في الغرب ومعه وصلت إلى اكتمال شكلها حيث كان يشترط في توفر القصة على أربعة مراحل : المقدمة/الاستهلال- العقدة – الحل – الخاتمة/ لحظة التنوير وهي ما تعرف بالأقانيم الثلاثة.
وإذا كان الإبداع الشعري قد حظي باهتمام النقاد فإنه امتد أيضا إلى الاشكال النثرية ومن بين هذه الأشكال القصة ومن بين النقاد الذين اهتموا بهذا الفن نجد احمد المديني الكاتب والروائي المغربي والنص قيد التحليل مقتطف من كتابه " فن القصة القصيرة بالمغرب في النشأة والتطور.
· الملاحظة:
1. العنوان:
يعد العنوان من المؤشرات النصية التي توجه نشاط القارئ من خلال
تكثيفه لمعاني النص وإجمالها وقد جاء جملة اسمية من الناحية التركيبية أما دلاليا
فيشير إلى مقاربة الفن القصصي وبتاملنا
للمصدر في علاقته بالعنوان نجد ان الكاتب سيتحدث عن نشأة وتطور فن القصة.
من خلال هذه المؤشرات نفترض أن النص سيتحدث عن اهم التحولات التي عرفها الفن القصصي.
· الفهم:
1.قضية النص:
ومن خلال قراءتنا للنص نجد أن الكاتب يطرح قضية مرتبطة بالفن القصصي من حيث عدم استقرار مقاييسه منذ نشأته، وأهم خصائصه التقنية القديمة والحديثة. أما عناصر هذه القضية فتتمظهر في كون الكاتب قد استهل موضوعه بقاعدة عامة وهي ان لكل جنس ادبي مقاييس تميزه وأردف ان أن هذه المقاييس متغيرة ثم انتقل إلى تعريف القصة على انها تنتمي إلى الفنون النثرية وربط نشأتها في القرن 19 مقارنا بين المقاييس في القصة الكلايسكية التي تجعل من القصة مرتبطة برواية خبر ومن خصائص هذا الخبر لكي يصبح قصة الإنطباع الكلي والوحدة الفنية والتسلسل الشخصية، المعنى، وبين النقنيات القصصية الجديدة التي ربطها بالتحولات الاجتماعية والاقتصادية والتي تجاوزت التقنية القصصية القديمة من حيث تحطيم التصميم الثلاثي البداية الوسط النهاية، غياب الحدث والنهاية ليغيب بذلك المعنى إلى جانب الاقتراب من اللغة الشعرية و الاحتفال بالمستوى السيكولوجي وارتباك التسلسل الزمني.
· التحليل :
1.المصطلحات والمفاهيم:
هذا وقد اعتمد الكاتب في هذا النص على مجموعة من المصطلحات من قبيل الوحدة الفنية وحدة الانطباع لحظة التنوير، الشخصية، السرد ومرجعها هذه المصطلحات إلى النقد النثري الحديث.
كما نجد ألفاظا ومصطلحات أخرى ترتبط بما هو اجتماعي من قبيل: البينة الاجتماعية، التحولات الاجتماعية، الواقع، وبما ما هو تاريخي: القرن الماضي، الربع الأخير، القرن التاسع عشر، وبما هو نفسي: المستوى السيكولوجي، زمن نفسي، زمم الشعور، وقد وظف الكاتب هذه المصطلحات لما لها من علاقة بالموضوع فالمصطلحات النقدية والفنية جاءت لتحديد الجنس الأدبي الذي يتحدث عنه الكاتب وهو فن القصة والمصطلحات الاجتماعية وظفت لتوضيح التحولات التي طرأت على الفن القصصي وغيرت مقاييسه بينما المصطلحات التاريخية جاءت لإبراز نشأة القصة في حين جاءت المصطلحات النفسية للتأكيد على الاحتفاء بالطابع النفسي.
2.الطريقة المعتمدة:
وقد تبنى الكاتب في معالجته لموضوعه منهجا استنباطيا، حيث استهل النص بقاعدة عامة تنمثل في ان لكل جنس أدبي محدداته ثم انتقل إلى التعريف بالقصة وتايخ لنشأتها محددا خصائص القصة التقليدية ثم خصائص الكتابة القصصية الحديثة.
3.الأساليب:
كما اعتمد الكاتب في توضيح أفكاره وتقريبها إلى ذهن المتلقي مجموعة من أساليب الشرح و التفسير: كأسلوب التعريف " القصة قن نثري"وأسلوب المقارنة: حيث قارن بين المقاييس الكلاسيكية والحديثة ثم أسلوب السرد سرد الأدلة والحجج كما نجد حضور أسلوب التأكيد : إن لكل..والنفي ليست هذه ثم التعليل " لأن الحدث..
أما لغة النص فهي لغة مباشرة تقريرية هدفها الإبلاغ والتوضيح والتي استطاعت أن تضع النص في متناول القراء وملامسة أفاق انتظاره.وكل هذه العناصر أسهمت في اتساق النص وترابطه .
· تركيب:
عطفا على ما سبق فقد استطاع الناقد التعريف بالفن القصصي من خلال حديثه عن النشأة والخصائص الكلاسيكية والحديثة المميزة له هذا من حيث المضمون أما من حيث البناء فإن النص يخضع لتصميم منهجي واضح ومتسلسل أضف إلى ذلك اعتماد الكاتب على مجموعة من أساليب الشرح والتفسير لتقريب أفكاره وهذا ما يجعلنا نقر بأن الناقد قد تمكن من مقاربة الفن القصصي للقارئ وإبراز أهم التحولات التي عرفها منذ نشأته إلى أن ظهرت القصة الحديثة.