تأطير النص ضمن سياقه الأدبي والتاريخي:
المنهج طريقة لقراءة النص الأدبي وتحليله وفي كيفية النطر إليه، وتختلف المناهج والطرق المعتمدة في دراسة الأدب " الشعر والنثر.." باختلاف كيفية النظر إلى هذا الأدب، فهناك منهج ينظر إلى النص الأدبي على أنه وثيقة اجتماعية، ومنهج ينظر إلى أن النص الأدبي على أنه وثيقة نفسية، ومنهج ينظر إلى أن النص الأدبي بنية مغلقة ومجموعة من العلامات، فالمنهج الذي ينطلق من علاقة الأدب بالواقع يسمى بالمنهج الاجتماعي الذي يرى أن الأدب وثيقة اجتماعية لأنه يعكس آثار الجماعة التي أنتجتها، فهذا المنهج يبحث عن العلاقة بين المجتمع والأديب وعن قدرة هذا الأدب على إبراز صورة الواقع الاجتماعي، وينطلق المنهج الاجتماعي من مبدأين الأول: كون الأديب لا يعيش معزولا عن بيئته ووسطه الاجتماعي والمبدأ الأخير كون الإنتاج الأدبي ليس منفصلا عن السياق الاجتماعي. وقد ظهر هذا المنهج في العالم العربي في بداية القرن العشرين وقد وجد له أتباعا ومناصرين من بينهم حميد لحمداني ، نجيب العوفي محمد عويس محمد. فما القضية مدار النص ؟ وما طبيعة المنهج الموظف وحدوده في تعامله مع النص الأدبي؟
الملاحظة:
يقدم لنا النص مجموعة من المؤشرات لقراءته فهناك العنوان الذي يوحي شقه الأول " الواقع الاجتماعي " إلى أن المقاربة ستعتمد على المنهج الاجتماعي، أما الشق الثاني" الشعر" فيوحي إلى المجال التطبيقي لهذه المقاربة وهو فن الشعر، أضف إلى ذلك المصدر الذي يحدد النموذج التطبيقي الخاص الذي يتمثل في الشاعرين حافظ وشوقي.
من خلال هذه المنطلقات نفترض أن موضوع النص هو دراسة ومقارنة بين شعر كل من شوقي وحافظ ونسبية تأثير الواقع الاجتماعي في تشكيل رؤيتهما.
الفهم:
من خلال قراءتنا للنص نجد أن الناقد اعتمد في مقالته النقدية على المنهج الاجتماعي من خلال مقارنته بين الشاعرين شوقي وحافظ وهو منهج يرصد العلاقة القائمة بين المبدع والمجتمع وهي علاقة تأثير وتأثر، تختلف من شاعر لآخر وقد قدم الناقد نموذجين للدراسة وهما شوقي وحافظ فرغم انهما تعاصرا في حياتهما إلا انهما اختلفا في الرؤية للواقع الاجتماعي المصري فرؤية شوقي للمجتمع رؤية تاريخية تركز على الكيان المعنوي أكثر من الواقع المعيشي لحياة الشعب المصري وقد الناقد على أن هذا الاختلاف راجع إلى بيئتهما الخاصة فشوقي عاش في بيئة مترفة مستقرة أما حافظا فقد عاش في بيئة فقيرة لا حظ لها من غنى أو ترف متحدثا عن معاناته ومعاناة مصر بلسان مصر، وقد خاص الناقد إلى أن الشاعرين اختلفا في التعبير عن الواقع الاجتماعي لاختلاف البيئة والوسط الذي عاش فيه كل منهما واتفقا في الشكل العام لان الهدف كان واحدا ومشتركا بينهما وهو إصلاح مصر.
ومن خلال تحديدنا لمكونات النص الفكرية نجد أن القضية الجوهرية التي يناقشها الناقد هي التأثير والتأثر بين الشاعر ومجتمعه، وقد ترتب عن هذه القضية قضايا فرعية فالأولى تتمثل في مظاهر التأثير والتأثر عند شوقي والثانية تتمثل في مظاهر التأثير والتأثر عند حافظ أما القضية الفرعية الثالثة فجاءت محددة لأسباب الاختلاف والتأثير والتأثر بين الشاعرين.
التحليل :
هذا وقد اعتمد الناقد في عرضه للقضية أسلوبا استنباطيا حيث ابتدأ بتحديد الإشكالية : التأثير والتأثر بالواقع الاجتماعي ثم انتقل إلى تحديد مادة الاشتغال المتمثلة في الشاعرين شوقي وحافظ ثم استخلص مظاهر التأثير والتأثر وفي النهاية أسباب الاختلاف.
وبذلك يكون الناقد قد اعتمد على المنهج الاجتماعي الذي ينطلق من معطيات خارجية على اعتبار أن بيئة الشاعر عامل أساسي تتحكم بشكل كبير في نوعية الشعر الذي ينتجه، كما أن تواتر حقل معجمي يحيل إلى هذه البيئة، مثل : اختلاف بيئتي الشاعرين، لم ينعم بحياة مستقرة، ما نعم به من حياة مستقرة، الظواهر الاجتماعية المعتلة...
كما يغلب على النص الطابع الخبري الذي يروم البيان وفائد المخاطب حول قضية التأثير والتأثر بين الشاعر ومجتمعه، وهذا ما جعل أسلوب النص يطغى عليه الطابع التقريري الذي يهدف إلى الإقناع ومرد ذلك كون النص هو نص نقدي وليس نصا إبداعيا إمتاعيا.
كما تخلل النص نفسا حجاجيا من معالمه البناء المنهج، الاستنباط، المقارنة بين حافظ وشوقي، الاستشهاد بأبيات شعرية للشاعرين، أضف إلى ذلك الأساليب اللغوية الحجاجية من قبيل التاكيد" لقد طالب شوقي بالإصلاح، لقد عبر الشاعران.." ثم الشرط " أما أمير الشعراء فإن ما نعم به..." ثم النفي" لم ينعم.." ثم التعليل" لان هدفهما كان واحد".
كما تحضر في النص وضعية التلفظ فمناك ضمير المتكلم الجمع " ما يجعلنا ، نحن، نقرأ... "الذي يحيل إلى الناقد ومن يشاركه نفس الرأي كما نجد ضمير الغائب " فالدارس للشوقيات " الذي يدل على الموضوعية والحياد في تناول القضية.
ولتوضيح الصلة القائمة بين الأدب والمجتمع لجأ الناقد إلى بناء جمله وعباراته بناء متسقا ومترابطا فقد حقق النص اتساقه تركيبيا ودلاليا ومعجميا فالاتساق التركيبي تحقق عن طريق الوصل بحروف العطف مثل" السياسية والاجتماعية" والأسماء الموصولة " نساء مصر اللائي نفضن" اما الاتساق الدلالي فقد تحقق عن طريق الإحالة النصية القبلية: بما ينظمه من أشعار" فالضمير يحيل على الشاعر.." ثم الإحالة النص البعدية" هذا الواقع" فاسم الإشارة يحيل ما بعده أي الواقع... ثم الإحالة المقامية " فالدارس للشوقيات" إحالة إلى خارج النص.
أما الاتساق المعجمي قفد تحقق عن طريق التكرار" معاناته ومعاناة شعبها" ثم التضام من خلال التعارض " اختلفا في المضمون واتفقا في الشكل العام"